فصل: فصل في حميات الوباء وما يجانسها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في دق الشيخوخة:

قد جرت العادة بأن يذكروا دق الشيخوخة بعد حمى الدق ونحن أيضاً نسلك السبيل المعتادة.
ودق الشيخوخة معناه استيلاء اليبس على المزاج من غير حمى وقد يكون مع اعتدال في الحرّ والبرد وذلك في الأقل وقد يكون مع برد وتسمى هذه الحال دق الشيخوخة ودق الهرم لأن البدن يعرض له في غير وقت التشيخ ما يعرض في ذلك الوقت من الذبول واليبس والمسنون أسرع وقوعاً في ذلك من الشبان والشبان أسرع وقوعاً فيه من الصبيان على أنه قد يعرض للشبان والصبيان والسبب الموقع فيه إما برد مستولٍ مع ضعف من البدن فيمنع القوة الغذائية عن فعلها التام كما يعرض أيضاً في آخر العمر.
ومن هذا الباب شرب ماء بارد في غير وقته أو على ضعف من البدن مع حتى أو في حالة النهوة أو عقيب رياضَة حللت القوة وفتحت المسام وحرضت على اجتذاب الماء البارد إلى الأحشاء دفعة أو بخارات رديئة باردة تتصعد إلى القلب فتبرد مزاجه وإما حرارة تحلل وتذيب الرطوبات فتخمد الحرارة الغريزية وتعقب برداً ويبساً وقد يتبع الاستفراغات وقد تجلت هذه العلة الإفراط في تدبير أصحاب الحميات بماء يشرب وربما يضمد وهذه العلة إذا استحكمت لم تعالج ولو كان لها حيلة لكان للموت حيلة.
العلامات: هؤلاء ترى فيهم علامات الذبول والقشف ولا يرى فيهم الاشتعال والالتهاب بل ربما وجدوا باردي الملامس ولا يكون نبضهم كنبض أصحاب حمّيات الدِّق بل يكون صغيراً بطيئاً متفاوتاً إلا أن يشتد الضعف فيأخذ النبض في التواتر وخصوصاً من أصابهم هذا من شرب الماء البارد ويكون بولهم أبيض رقيقاً مائياً ويكونون في أحوالهم كالمشايخ.
علاج دَّق الشيخوخة: إنما يعالج هذا المعالج عندما لم يستحكم على رجاء أن لا يستحكم وعندما استحكم على رجاء أن يتأخر الهلاك قليلاً والقانون في معالجتهم التسخين والترطيب ومن المرطبات الحمامات على ما علمت ولا تستعمل إلا بعد الهضم فإنها إن استعملت عقيب الأكل أسقطت القوة والحقن المتخذ من الرؤوس والأكارع والحمص والحنطة المهروسة والتين مع الحسك والبابونج يستعمل منه قدر نصف رطل مع أوقيتين من شيرج وشيء من دهن البان ويستعمل الدلك على التغذية واللبن المرتضع شديد النفع لهم والعسل غاية في نفعهم كما أنه غاية في مضرة أصحاب حمى الدق وكل غذاء مرطب سلس النفاذ سريع الانجذاب لا لزوجة فيه مثل ماء اللحم وصفرة البيض النيمبرشت والشراب الرقيق العطر القليل المقدار شديد الموافقة لهم ويجب أن تراعي الترطيب المذكور في باب الدق ويخلط به ما يسخن من الروائح والأضمدة والمروخات والأغذية وغير ذلك.

.فصل في حميات الوباء وما يجانسها:

وهي حمى الجدري والحصبة كلام في حمى الوباء: قد يعرض للهواء ما علمناك في الكتاب الكلي مثل ما يعرض للماء من استحالة في كيفياته إلى حر وبرد ومن استحالة في طبيعته إلى إفساد الماء وتعفن كما يأجن الماء وينتن ويعفن وكما أن الماء لا يعفن على حال بساطته بل لما يخالطه من أجسام أرض خبيثة تمتزج به وتحدث للجملة كيفية رديئة كذلك الهواء لا يعفن على حال بساطته بل لما يخالطه من أبخرة رديئة تمتزج به وتحدث للجملة كيفية رديئة.
وربما كان ذلك لسبب رياح ساقت إلى الموضع الجيد أدخنة رديئة من مواضع نائية فيها بطائح آجنة أو أجسام متجيفة في ملاحم أو وباء قتالة لم تمفن ولم تحرق ورب كان السبب قريباً من الموضع جارياً فيه.
وربما عرضت عفونات في باطن الأرض لأسباب لا يشعر بجزئياتها فأعدت الماء والهواء والحميات الحادثة بسبب الهواء اليابس أقلّ من أمثالها الحادثة من الهواء الرطب إلا أن الصفراء تكون في الهواء اليابس فيكون ذلك سبباً أيضاً لحدوث حميات صفراوية.
وأما الوبائية فتكون من الهواء الكدر الرطب والحميات في الهواء الرطب أكثر لكنها أقلّ حدة وأطول مدة أما في الصيف اليابس القليل المطر فتكون أقلّ حدوثاً وأكثر حدة وأسرع فضلاً وأفضل الفصول ما حفظ طبعه ومبدأ جميع هذه التغيرات هيئات من هيئات الفلك توجبه إيجاباً لا نشعر نحن بوجهه وإن كان لقوم أن يدعوا فيه شيئاً غير منسوب إلى بينة بل يجب أن تعلم أن السبب الأول البعيد لذلك أشكال سمائية والقريب أحوال أرضية وإذا أوجبت القوى الفعالة السمائية والقوى المنفعلة ترطيباً شديداً للهواء يرفع أبخرة وأدخنة إليه ويبثّها فيه ويعقبها بحرارة ضعيفة وصار الهواء بهذه المنزلة حمل على القلب فأفسد مزاج الروح الذي فيه وعفن ما يحويه من رطوبة وحدثت حرارة خارجة عن الطبع وانتشرت من سبيلها في البدن فكانت حمّى وبائية وعمت خلقاً من الناس لهم أيضاً في أنفسهم خاصية استعداد إذ كان الفاعل وحده إذا حصل ولم يكن المنفعل مستعداً لم يحدث فعل وانفعال واستعداد الأبدان لما نحن فيه من الانفعال أن تكون ممتلئة أخلاطاً رديئة فإن النقية لا تكاد تنفعل من ذلك والأبدان الضعيفة أيضاً منفعلة منه مثل التي أكثرت الجماع والأبدان الواسعة السبل الرطبة الكثيرة الاستحمام.
العلامات: هذه الحمّى تكون هادية الظاهر مقربة الباطن في الأكثر مهلكة يستشعر منها حرافة واشتعال قوي ويكون معه عظم التنفس وعلوه وتواتره ويضيق كثيراً وينتن كثيراً وشدة عطش وجفوف لسان وقد تكون مع غثيان أو سقوط شهوة إن لم يقاومها بالأكل صبراً أهلكته ووجع فؤاد وعظم طحال وكرب شديد وتململ وربما كان سعال يابس وسقوط قوة وإنافة على الغشي واختلاط عقل وتمدُد ما دون الشراسيف ويكون به سهر واسترخاء بدن وفتور وربما عرض معها بثر أحمر وأشقر وربما كان سريع الظهور سريع البطون ويحدث قُلاَّع وقروح ويكون النبض في الأكثر متواتراً صغيراً ويشتدّ في الأكثر ليلاً وربما حدثت بهم حالة كالاستسقاء وربما كان سوداوياً وأكثره يكون زبدياً منتناً وفيه شيء من جنس ما يذوب ويكون بوله مائياً مربًا سوداوياً وكثيراً ما يتقيأ السوداء وأما الصفراء فأكثر ذلك ويعرقون عرقاً منتناً وهذه الحمّى تبتدىء مع الأعراض المذكورة بقوتها ويؤول الأمر إلى الغشي وبرد الأطراف وليثرغس والتشنج والكزاز وقد يكون من هذه الحميات الوبائية ما لا يشعر فيها العليل ولا الجاس الغريب بكثير حرارة ولا بتغير النبض والماء كثير تغير ومع ذلك فإنها تكون مهلكة بسرعة تدهش الأطباء في أمرها وأكثر من تنتن نفسه من هؤلاء ومن الأولين يموت فإن العفونة تكون قد استحكمت في القلب.
علامات الوباء: مما يدل على الوباء من الأشياء التي تجري مجرى الأسباب أن يكثر الرجوم والشهب في أوائل الخريف وفي أيلول فإنه منذر بالوباء الحادث إنذار السبب وإذا كثر الجنوب والصبا في الكانونين أياماً وكلما رأيت خثورة من الهواء وضبابية.
وظننت مطراً ووجدته مغبراً يابساً لا يمطر فاعلم أن مزاج الشتاء فاسد.
وأما الوباء الصيفي الخبيث الرديء فيدل عليه قلة المطر في الربيع مع برد ثم إذا رأيت الجنوب يكثر ويكدر الهواء أياماً ثم يصفو بعده أسبوعاً فما فوقه ثم يحدث برد ليل ومدّ نهار وغمة وكذلك إذا لم يكن الصيف شديد الحرارة وكان شديد الكدورة مغير الأشجار وكان سلف في الخريف شهب ونيران ونيازك فهو علامة وباء وكذلك إذا رأيت الهواء يتغير في اليوم الواحد مرات كثيرة ويصفو الهواء يوماً وتطلع الشمس صافية وتكدر يوماً آخر وتطلع في جلباب من الغبرة فاحكم بأن وباء يحدث.
وأما العلامات التي على سبيل المقارنة للسبب فمثل أن ترى الضفادع قد كثرت وترى الحشرات المتولدة من العفونة قد كثرت ومما يدل على ذلك أن ترى الفأر والحيوانات التي تسكن قعر الأرض تهرب إلى ظاهر الأرض سدرة مسمدرة وترى الحيوان الذكي الطبع مثل اللقلق ونحوه يهرب من عشه ويسافر عنه وربما ترك بيضه.
في معالجات الحمى الوبائية: جملة علاجهم التجفيف وذلك بالفصد والإسهال ويجب أن تبادر فيها إلى الاستفراغ فإن كانت المادة الغالبة دموية فصدوا وإن كانت أخلاطاً أخرى استفرغوا ويجب أن تبرّد بيوتهم وتصلح أهويتها.
أما تبريد بيوتهم فبأن يحفّ بالفواكه والرياحين الباردة وأطراف الشجر الباردة واللخالخ والنضوخات المتخذة من الفواكه الباردة الرائحة ومن الكافور وماء الورد والصندل ويرش بيته وإن كان في البيت رشاشات ونضّاخات للماء فهو أجود وأما إصلاح الهواء فسنذكره ويستعمل فيهم أقراص الكافور والربوب الباردة وماء الرائب المنزوع الزبد وماء ورد ديف فيه مصل حامض طيب والخلّ بالماء أيضاً والماء البارد الكثير دفعة نافع جداً.
وأما القليل المتتابع فربما هيّج حرارة فإن تمادى الأمر إلى أن تتمثد الشراسيف وتبرد الأطراف ويطول السهر والإختلاط وترى الصدر وما عليه يرتفع وينزل فلا بد من استعمال الدثار الجاذب للحرارة إلى خارج وإذا سقطت الشهوة أجبروا على الأكل فإن أكثر من يتشجع على ذلك ويكل قسراً يقبل ويعيش فلا بد من إجبارهم على الغذاء ويجب أن تكون أغذيتهم من الحوامض والمجففات وتكون قليلة المقدار فإن أغذيتهم تكون أيضاً رديئة فتضر كثرتها من حيث الرداءة وتضرّ أيضاً من حيث الامتلاء وأما إصلاح الهواء فقد يكون بعضه بحسب الأصحاء وبعضه بحسب الأصحاء والمرضى.
أما الذي بحسب الأصحاء فيكون الغرض فيه أن يجفف الهواء ويطيب وتمنع عفونته بأي شيء كان فيصلح العود الخام والعنبر والكندر والمسك والقسط الحلو والميعة والسندروس والحلتيت وعلك القرنفل والمصطكي وعلك البطم واللاذن والعسل والزعفران والسكّ والسرو والعرعر والأشنة والغار والسعد والأذخر والأبهل والوج والشابابك واللوز المر والأسارون وقد يتخذ من هذه مركبات ويرش البيت بالخل والحلتيت.
وأما بحسب الأصحاء وأيضاً المحمومين والمرضى فالتبخير بالصندل والكافور وقشور الرمان والآس والتفاح والسفرجل والأبنوس والساج والطرفاء والريباس ويجب أن يكرر التبخير بذلك.
في التحرز من الوباء: يجب أن يخرج عن البدن الرطوبات الفضلية ويمال تدبيره إلى التجفيف من كل وجه ومن قلة الغذاء إلا الرياضة فيجب أن لا يستعمل ولا الحمام ولا الأشربة ولا يصابر على العطش ويصلح الهواء بما ذكرناه ويمال الغذاء إلى الحموضات ويقلل منه وليكن اللحم الذي يستعمل مطبوخاً في الحموضات ويتناول من الهلام والقريص والمصوص المتخذ بالخل وغير الخلّ من السماق وماء الحصرم وماء الليمون وماء الرمان والمخللات النافعة وخصوصاً الكبر المخلل والحلتيت مما ينفعهم ويمنع عنهم العفونة ومما يخلص عنه استعمال الترياق والمثروديطوس قبله مع سائر التدبير الصواب والدواء المتخذ من الصبر والزعفران والمرّ يستعمل منه كل يوم قريباً من درهم فإنه نافع.

.فصل في الجدري:

قد يحدث في الدم غليان على سبيل عفونة ما من جنس الغليانات التي تعرض للعصارات عروضاً تصير بها إلى تميز أجزائها بعضها عن بعض فمن ذلك ما يكون سببه أمراً كالطبيعي يغلي الدم لينفض عنه ما يخالطه من بقايا غذائه الطمثي الذي كان في وقت الحمل أو تولد فيه بعد ذلك من الأغذية العكرة والرديئة التي تسخف قوامه وتثوره إلى أن يحصل له جوهر متقوّم أقوى من الأول وأظهر مثل ما تفعل الطبيعة بعصارة العنب حتى تقيمه شراباً متشابه الجوهر وقد نفض عنه الرغوة الهوائية والنقل الأرضي ومن ذلك ما يكون سببه أمراً وارداً من خارج مثوّراً يخلط الأخلاط بالدم خلطاً ثم حدث غليان ونشيش مثل ما يعرض عند تغير الفصول وخصوصاً الربيع عن الواجب لها من الكيفيات والنظام فإن الجدري والحصبة من جملة الأمراض الوافدة وتكثر في عقيب الجنائب إذا كثر هبوبها.
والبدن المستعد للجدري هو الحار الرطب والكدر الرطوبة خاصة والقليل إخراج الدم بالفصد ومن الأغذية أغذية توقع في الجدرىِ سريعاً وخصوصاً إذا لم تكن معتادة واستعمل عليها أدوية وأغذية مسخنة مثل الألبان وخصوصاً ألبان اللقاح والرماك إذا أستكثر منها من لم يعتدها ثم شرب شراباً كثيراً أو أدوية حارة وكان الجدري ضرب من البحران.
وأكثر ما يعرض الجدري يعرض للصبيان ثم للشبان وتقل عروضه للمشايخ إلا لأسباب قوية وفي بلدان شديدة الحرّ والرطوبة وعروضه في الأبدان الرطبة أكثر من عروضه في الأبدان اليابسة وعروضه في الربيع أكثر من عروضه في الشتاء وبعد الربيع في آخر الخريف وخصوصاً إذا تقدّمه صيف حار يابس وكان ذلك الخريف حاراً يابساً أيضاً والجدري لبس إنما يعرض في الجلد وحده وفيما يلي الظاهر بل يعرض في جميع الأعضاء المتشابهة الأجزاء الظاهرة والباطنة حتى الحجب والأعصاب.
وإذا ظهر الجدري أورث حكة ثم تظهر أشياء كرؤوس الإبر جاورسية ثم تخرج وتمتلىء مدة ثم تتقرح ثم تصير خشكريشة مختلفة الألوان ثم تسقط.
وربما انتقل الجدري إلى فلغموني وماشرا وإلى دبيلة تجمع المدة وأكثر ما يطهر يظهر وله لون الفلغموني ولكنه ربما خرج على ألوان مختلفة رمادية وبنفسجية وسود فإن الجدري له أصناف وألوان فمنه أبيض ومنه أصفر ومنه أحمر ومنه أخضر ومنه بنفسجي ومنه إلى السواد والأخضر والبنفسجي رديان وكل ما ازداد ميلاً إلى السواد فهو أردأ وكل ما مال عنه فهو أميل عن الشر والأبيض أجوده وخصوصاً إذا كان قليل العدد كثير الحجم سهل الخروج قليل الكرب ضعيف الحمى ترى الحمى تنقضي مع ظهوره وخروجه ويكون أول بروزه في الثالث وما يقرب منه وبعد هذا البيض الكبار الكثيرة العمد المتقاربة من غير اتصال فإن اللواتي يتصل بعضها ببعض حتى تحيط برقعة كبيرة من اللحم ذات أضلاع أو مستديرة فهي رديئة وكذلك المضاعفة الكبار التي تكون في جوف الواحدة منها جدرية أخر ى.
وأما البيض الصغار الصلبة المتقاربة العسرة الخروج فإنها وإن أوهمت في ابتداء الأمر سلامة فقد يخشى عليها أن يعسر نضجها ويسوء معها حال العليل وتتأدّى به إلى الهلاك لأن السبب ومن أصناف الرديء المخوف الذي يهلك كثيراً ما يختلف حاله فتارة يظهر وتارة يبطن وخصوصاً إذا ظهر بنفسجياً وكذلك اللجوج الذي لا ينفك الإقبال منه عن ضعف قوة عن اخضرار عضو واسوداده يهلك فإن كان الاخضرار والاسوداد الذي يعقبه بعد الإبلال لا يسقط القوة بل تتزايد معهما القوة لم يكن مهلكاً لكنه ربما أوقع في قروح وما يجري مجراها.
ولأن تكون حمّى ثم جدري أسلم من أن يكون جدري سابق ثم تلحقه وتطرأ عليه حمى وأكثر ما يجب أن يتفقد من أمر المجدور نفسه وصوته فإنهما إذا بقيا جيدين كان الأمر سليماً.
وإذا رأيت المجدور يتتابع نفسه وكذلك المحصوب فأحدس سقوط قوة أو ورم حجاب ثم إذا رأيت العطش يشتدّ والكرب يلح والظاهر يبرد والجدري أو الحصبة تخضر فقد آذن العليل بالهلاك ويؤكد ذلك أن يكون الجدري من جنس ما أبطأ خروجه وظهوره.
وأكثر من يموت بالجدري يموت اختناقاً أو ظهوراً من الخناق وقد يموتون لسقوط القوة بالسحج والإسهال وإذا رأيت الفنسجي من الجدري والحصبة يغور فاعلم أنه سيغشى على العليل وإذا أسرع إلى بول الدم وعقبه بول أسود فهو هالك لا سيما إذا كان هناك سقوط قوة واختلاف أخضر دموي وعسالي مع سقوط قوته والحميقاء شيء بين الجدري والحصبة وهي أسلم منهما وكثيراً ما يجدر الإنسان مرتين إذا اجتمعت المادة للاندفاع مرتين والموم الرصاصي هو الجدري الذي بثره في الوجه والصدر والبطن أكثر منه في الساق والقدم وهو رديء ويدل على مادة غليظة لا تندفع إلى الأطراف.
في علامات ظهور الجدري قد يتقدم ظهور الجدري وجع ظهر واحتكاك أنف وفزع في النوم ونخس شديد في الأعضاء وثقل عام وحمرة في لون الوجه والعين ودمع واشتعال وكثرة تمط وتثاؤب مع ضيق نفس وبحة صوت وغلظ ريق وثقل رأس وصداع وجفوف فم وكرب ووجع في الحلق والصدر وارتعاش رجل عند الاستلقاء وميل إليه ومع ذلك كله حمّى مطبقة.